متلازمة الظهر المسطّح: هل يختفي التقعر الطبيعي لعمودك الفقري؟ إليك الأسباب والعلاج
هل فقد ظهرك شكله الطبيعي؟
هل تجد صعوبة متزايدة في الوقوف بشكل مستقيم؟ هل تشعر بأنك تميل إلى الأمام أو تعاني من آلام مزمنة في أسفل ظهرك؟ قد تكون مصاباً بحالة تُعرف باسم متلازمة الظهر المسطح (Flatback Syndrome)، وهي اضطراب شائع يؤثر على المحاذاة والتوازن الطبيعي للعمود الفقري.
إن العمود الفقري البشري ليس مستقيماً تماماً، بل هو مصمم بشكل حرف "S" ليقوم بامتصاص الصدمات وتوزيع الوزن بكفاءة. يتميز أسفل الظهر (العمود الفقري القطني) بانحناء داخلي يُسمى القعس القطني (Lumbar Lordosis). عندما يقل هذا الانحناء الطبيعي أو يختفي تماماً، يصبح الظهر مسطحاً، وتظهر المتلازمة.
ما هي الأسباب الرئيسية لمتلازمة الظهر المسطح؟
غالباً ما تكون متلازمة الظهر المسطح حالة مكتسبة وتتطور بمرور الوقت نتيجة لعدة عوامل، منها:
- 1. الجراحات السابقة للعمود الفقري: السبب الأكثر شيوعاً تاريخياً هو استخدام أنواع معينة من القضبان (مثل قضبان هارينغتون) لتصحيح الجنف في الماضي، والتي أدت إلى تسطيح منطقة أسفل الظهر بشكل مفرط. رغم تطور التقنيات الجراحية حالياً، يمكن أن تظهر المتلازمة كأثر جانبي لعمليات دمج الفقرات القطنية التي لم تحافظ على التقعر القطني الطبيعي.
- 2. الأمراض التنكسية للقرص (Degenerative Disc Disease): مع التقدم في العمر، يمكن أن تفقد الأقراص الفقرية ارتفاعها وتسبب انخفاضاً تدريجياً في المنحنى الطبيعي للعمود الفقري القطني.
- 3. كسور الانضغاط الفقري: كسور الفقرات الناجمة عن هشاشة العظام يمكن أن تؤدي إلى تغيير شكل الفقرات وتسطيح الظهر.
- 4. متلازمة ما بعد استئصال الصفيحة الفقرية (Post-Laminectomy Syndrome): قد يتسبب هذا الإجراء الجراحي في بعض الحالات في فقدان الدعم الكافي للعمود الفقري.
- 5. التهاب الفقار اللاصق (Ankylosing Spondylitis): هذا المرض الالتهابي المزمن يسبب تصلب ودمج الفقرات، ما يؤدي إلى فقدان الانحناءات الطبيعية.
أعراض الظهر المسطح: علامات يجب الانتباه إليها
تؤدي متلازمة الظهر المسطح إلى اختلال في توازن الجسم (Sagittal Imbalance)، حيث ينتقل مركز الثقل إلى الأمام. للتعويض، يضطر الجسم إلى بذل جهد إضافي، ما يسبب مجموعة من الأعراض المرهقة:
- وضعية الانحناء للأمام: يميل المريض إلى الأمام عند الوقوف والمشي، وقد يحتاج إلى ثني الوركين والركبتين للمحافظة على التوازن والوقوف منتصباً.
- آلام أسفل الظهر المزمنة: يعد الألم في المنطقة القطنية والعجزية شائعاً، خاصة بعد فترات الوقوف الطويلة أو المشي، بسبب الإجهاد المستمر على العضلات.
- تعب العضلات (الإجهاد): الشعور بالإرهاق والتعب في عضلات الظهر والساقين بشكل أسرع من المعتاد.
- صعوبة في أداء الأنشطة اليومية: تتأثر القدرة على الوقوف المنتصب، ما يعيق الأنشطة الروتينية.
- ألم يمتد إلى الساقين (نادر): قد يحدث ألم أو وخز إذا تسبب التشوه في ضغط على جذور الأعصاب.
خيارات علاج فقدان التقعر القطني
يبدأ التشخيص بفحص شامل للعمود الفقري وتصوير بالأشعة السينية (X-ray) أو التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم درجة التسطح وتحديد السبب. يعتمد علاج فقدان التقعر القطني على شدة الأعراض وتأثيرها على جودة الحياة:
العلاج التحفظي (غير الجراحي):
- العلاج الطبيعي وتقوية العضلات: الهدف هو تقوية عضلات البطن والظهر والجزء الخلفي من الفخذين (الأوتار المأبضية) لتحسين التوازن والوضعية.
- الأدوية: استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) ومسكنات الألم للتحكم في الألم والتورم.
- التمارين العلاجية: تمارين الإطالة والتقوية المُخصصة يمكن أن تساعد في استعادة بعض المرونة.
التدخل الجراحي (تصحيح انحناء العمود الفقري):
يتم اللجوء إلى الجراحة عادةً في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج التحفظي وحيث يكون تصحيح انحناء العمود الفقري ضرورياً لاستعادة التوازن السهمي وتخفيف الألم. تشمل الإجراءات الجراحية عمليات تقويم العظام (Osteotomy) التي تسمح للجراح بإعادة بناء منحنى القعس القطني الطبيعي للعمود الفقري وتحقيق التوازن الصحيح.
إن التشخيص المبكر والالتزام بالخطة العلاجية هما مفتاح التغلب على متلازمة الظهر المسطح والعودة إلى حياة خالية من الألم وذات وضعية صحية. استشر طبيب العظام أو جراح العمود الفقري لتقييم حالتك وتحديد الأسلوب العلاجي الأمثل لك.